إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
59903 مشاهدة
مذهب وعقيدة ابن تيمية

قال الإمام شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية الحراني - رحمه الله-
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي
رُزِق الهدى مَن للهداية يسأل
اسمـع كـلام محقق في قوله
لا ينثني عنه ولا يـــتبدل
حب الصحابة كلهم لي مذهب
ومودة القربى بها أتـوسـل
ولكلــهم قدر عَلا وفضائـل
لكنمـا الصِّدِّيق منهم أفضل
وأقول في القرآن ما جاءت به
آياته فهـو الكــريم المنزل


هكذا ابتدأ في هذه العقيدة بهذه المقدمة جواب لسائل، سائل سأله:
يا سـائلي عن مذهبي وعقيدتي
رُزِق الهدى مَن للهداية يسأل
والسائل كأنه أحب أن تكون الأجوبة بالنظم؛ لأنه يَسهُل حفظه .
وشيخ الإسلام -رحمه الله- ليس مشهورا بنظم الشعر، ولكنه لا يصعب عليه، يدل عليه منظومته التائية التي في القَدَر؛ ذلك لأن أحد الزنادقة دخل عليه وهو بين تلاميذه، ورفع إليه أبياتا يعترض فيها على القَدَر، وهي التي يقول فيها:
أيا علماء الدين دمنا مجيئكـم
تحير دلــوه على خـير ملة
إذا ما قضى ربي بطردي وشقوتي
وحكَّم إبعادي فما وجه حيلتي
دعاني وسد الباب دونه فهل إلى
دخولي سبيل بينوا لي حجتي
شيخ الإسلام أخذ ورقة وقلما، وأخذ يكتب، والناس حوله يظنون أنه يكتب نثرا، وإذا هو يكتب نظما في ذلك المجلس، فكتب جوابه في نحو مائة وعشرين بيتا ابتدأها بقوله:
سـؤالك يا هذا سؤال معاند
يخاصم رب العرش باري البرية
وتُدعى خصوم الله يوم معادهم
إلى النار طرا معشر القـدرية
سواء نفوه أو سعوا ليجادلوا
به الله أو ماروا به في الخليقة
إلى أن كمل نحو مائة وعشرين أو مائة وثلاثين، وتعرف بالتائية، وقد شرحها الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- وشرحه مطبوع، ولم يشرحها أحد فيما سبق فيما أعلم مما يدل على أنه متمكن في نظم الشعر، ومع ذلك يعترف بأنه ليس من الشعراء المشهورين الذين نظم الشعر يكون سهلا عليهم؛ ولذلك لم يكثر شعره .
ذكر مرة أنه رفع إليه لغز فحله بنظم، وهذا اللغز في مدح العلم يوجد مطبوعا في أول كتابه المنهاج منهاج السنة منظومة طويلة نونية في نظم العلم. اللغز في أبيات نونية، وكذلك الجواب مما يدل على أنه متمكن أن يقول الشعر .